فصل: باب ذكر خلافة المستنجد بالله

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ثم دخلت سنة أربع وخمسين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها أن أمير المؤمنين إبل من مرض فضربت الطبول وفرقت الصدقات وذبح كل واحد من أرباب الدولة من البقر وفرقت الكسوة على الفقراء وعلق البلد اسبوعًا‏.‏

وفي المحرم‏:‏ وصل ترشك إلى بغداد فلم يشعر به إلا وقد ألقى نفسه تحت التاج عند كوخ المستخدمين معه سيف وكفن فبرز له الأذن بالمضي إلى الديوان فحضر عند الوزير فأنهى حضوره ووقع له بمال وأذن له في الدخول إلى الدار المعمورة من أي باب شاء‏.‏

ووصل في رسالة محمد شاه ومعه عدة رسل من أمراء الأطراف طلبًا للمقاربة فلما نزلوا بشهرآبـان أنفـذ مـن دار الخلافـة مـن استوقفهـم هنـاك ولـم يمكنـوا مـن الوصول فأقاموا ثمانية عشر يومًا ثم عادوا ولم تسمع رسالتهم وفي هذه السنة‏:‏ عاد الغز إلى نيسابور فنهبوها وكان بها ابن أخت سنجر فاندفع عنها إلى جرجان‏.‏

وفيها‏:‏ خرج الخليفة إلى واسط واجتاز بسوقها وأبصر جامعها ومضى إلى الغراف وزلت به فرسه في بعض الطريق فوقع إلى الأرض وشج جبينه بقبيعة سيف الركاب فانتاشه مملوك من مماليك الوزير فأعتقه الوزير وخلع عليه وحصل للطبيب ابن صفية مال لأنه خاط المكان وعاده وفيها‏:‏ وقع برد عظيم فهلكت قرى وذكر أنه كان في بعض البرد ما وزنه خمسـة أرطـال وأهلكت الغلة فلم يقدروا على علف‏.‏

وفي ثامن عشر ربيع الأول كثر المد بدجلة وخرق القورج وأقبل إلى البلد فامتلأت الصحارى وخندق السور وأفسد الماء السور ففتح فيه فتحة يوم السبت تاسع عشر ربيع فوقع بعض السورعليها فسد بها ثم فتح الماء فتحة أخرى فأهملوها ظنًا أنها تنفس عن السور لئلا يقع فغلب الماء وتعذر سده فغرق قراح ظفر والأجمة والمختارة والمقتدية ودرب القيار وخرابة ابن

جردة والزيات وقراح القاضي وبعض القطيعة وبعض باب الأزج وبعـض المأمونيـة وقـراح أبـي الشحم وبعض قراح ابن رزين وبعض الظفرية وثب الماء تحت الأرض إلى أماكن فوقعت قال المصنف‏:‏ وخرجت من داري بدرب القيار يوم الأحد وقت الضحى فدخل إليها المـاء وقت الظهر فلما كانت العصر وقعت الدوركلها وأخذ الناس يعبرون إلى الجانب الغربي فبلغت المعبرة دنانير ولم يكن يقدرعليها‏.‏

ثـم نقـص المـاء يـوم الإثنيـن وسـدت الثلمة وتهدم السور وبقي الماء الذي في داخل البلد يدب في المحال إلى أن وصل بعض درب الشاكرية ودرب المطبخ وجئت بعد يومين إلى درب القيار فما رأيت حائطًا قائمًا ولم يعرف أحد موضع داره إلا بالتخمين وإنما الكل تلال فاستدللنا على دربنا بمنارة المسجد فإنها لـم تقـع وغرقـت مقبـرة الإمـام أحمـد وغيرهـا مـن الأماكـن والمقابـر وانخسفت القبور المبنيـة وخـرج الموتـى علـى رأس المـاء وأسكـر المشهـد والحربيـة وكانـت آيـة عجيبة ثم إن الماء عاد فزاد بعد عشرين يومًا فنقض سد القورج فعمل فيه أيامًا‏.‏

وتنافر الوزير ونقيب النقباء في كلام فوقع بأن يلزم النقيب بيته ثم رضي عنـه بعـد ذلـك واصطلحا وفي هذه السنة جمع ملك الروم جمعًا عظيمًا وقصد الشام وضاق بالمسلمين الأمر ثم عاد‏.‏

 ذكرمن توفي في هذه السنة من الأكابر

أحمد بن معالي ابن بركة الحربي تفقه على أبي الخطاب الكلواذاني وبرع في النظر‏.‏

قال المصنف‏:‏ سمعت درسه مدة وكان قد انتقل إلى مذهب الشافعي ثم عاد إلى مذهب أحمد ووعظ وتوفـي فـي جمـادى الأولـى مـن هـذه السنـة ودفـن بمقبـرة بـاب حـرب وكـان سبـب موته أنه ركب دابة فانحنى في مضيق ليدخله فاتكأ بصدره إلى قربوس السرج فأثر فيه وانضم إلى ذلك إسهال فضعفت القوة وكان مدة يومين أو ثلائة أحمد بن محمد بن عبد العزيز أبو جعفر العباسي المكي نقيب مكة شيخ صالح ثقة سمع الكثير وتوفي في هذه السنة ودفن بالعطافية جعفر بن زيد بن جامع من أهل حماة بلدة من بلاد الشام بين حمص وحلب قرأ القرآن وكان كثيـر الدراسـة وسمـع الحديـث مـن أبـي الحسيـن ابـن الطيـوري وأبـي طالـب ابـن يوسـف وانقطـع عن مخالطة الناس متشاغلًا بنفسه وتوفي في ليلـة الأحـد خامـس عشـر ذي الحجـة مـن هـذه السنـة ودفـن فـي صفـة ملاصقـة لمسجـده فـي محلته المعروفة بقطفتا‏.‏

الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل على الله أبوعلي ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة قرأ القرآن وكان يؤم في مسجد ابن العلثي وسمع من ابن العلاف وابن الحصين وغيرهما وكان فيه لطف وظرف وسمع سيرة المسترشد وسيرة المقتفي وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب‏.‏

محمد شاه بن محمود طلب الخطبة والسلطنة فلم يجب إليهما فجاء إلى بغداد فحاصرها على ما سبق ذكره ثم عاد وتوفي في ذي الحجة بباب همذان‏.‏

كان فيه فضل وأدب ويقول الشعر وكان يحضر مجلسي ويدهشه كلامي وجد في أذنه ثقلًا فخاف الطرش فاستدعى إنسانًا من الطرقية فامتص أذنه فخرج شيء من مخه فكان سبب موته‏.‏توفي في ذي الحجة ودفن في تربتهم بالوردية‏.‏

 ثم دخلت سنة خمس وخمسين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها أن المسمـى بعلـي كوجك صاحب الموصل أفرج عن سليمان شاه بن محمد وخطب له بالسلطنة وسيره إلى همذان وتوجه ابن أخيه ملكشاه بن محمود إلى أصبهان طالبًا للأجمة فمات بها‏.‏

وفي منتصف صفر‏:‏ فوض تدريس جامع السلطان إلى اليزدي مكان الشمس البغدادي‏.‏

وفي هذه الأيام‏:‏ منع المحدثون من قراءة الحديث في جامع القصر وسببه أن صبيانًا من الجهلة قـرأوا شيئًا من أخبار الصفات ثم اتبعوا ذلك بذم المتأولين وكتبوا على جزء من تصانيف أبي نعيم اللعن له والسب فبلغ ذلك أستاذ الدار فمنعهم من القراءة‏.‏

وفـي يـوم الجمعة سلخ صفر‏:‏ أرجف على الخليفة بالموت فانزعج الناس وماج البلد وعدم الخبز من الأسواق ثم وقع إلى الوزير بعافيته وطابت قلوب الناس ووقعت البشائر والخلع فلما كانت صبيحة الأحد ثاني ربيع الأول أصبحت أبواب الدار كلها مغلقة إلى قريب الظهر وأغلق باب النوبي وباب العامة فتحقق الناس الأمر وركب العسكر بالسلاح فلما كان قريب الظهر فتحت الأبواب ودعي الناس إلى بيعة المستنجد بالله فأظهروا موت المقتفي‏.‏

 باب ذكر خلافة المستنجد بالله

واسمـه‏:‏ يوسـف بـن المقتفي ولد في ربيع الأول سنة ثمان عشرة وخمسمائة وبويع بعد موت أبيه المقتفـي وقيـل إنـه أريـد بـه سـوء ليولـي غيـره فدفـع عنه فبايعه أهله وأقاربه وأولهم عمه أبو طالب ثـم ابـو جعفـر بـن المقتفي وكان أكبر من المستنجد ثم بايعه الوزير وقاضي القضاة وأرباب الدولة والعلماء ثم خطب له يوم الجمعة على المنابر ونثرت الدنانير والدراهم‏.‏

قـال المصنـف رحمـه اللـه‏:‏ وحدثني الوزير أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة قال‏:‏ حدثني أمير المؤمنيـن المستنجـد باللـه قـال‏:‏ رأيـت رسول الله في المنام منذ خمس عشرة سنة فقال لي‏:‏ يبقى أثرك في الخلافة خمس عشرة سنة فكان كما قال قـال‏:‏ ورأيتـه صلـى اللـه عليـه وسلـم فـي المنـام قبـل مـوت أبـي بأربعـة أشهـر فدخـل بـي إلـى باب كبير ثـم ارتقـى إلـى رأس جبـل وصلـى بي ركعتين وألبسني قميصًا ثم قال لي قل اللهم اهدني فيمن هديـت وذكر دعـاء القنـوت وذكر لـي الوزيـر ابـن هبيـرة قـال كـان المستنجـد قـد بعـث إلـي مكتوبـًا مـع خـادم فـي حيـاة أبيـه وكأنـه أراد أن يسـره عنـه فأخذتـه وقبلته وقلت للخادم قل له والله ما يمكنني أن أقـرأه ولا أن أجيـب عنـه قـال فأخـذ ذلـك فـي نفسـه علـيٌ فلما ولى دخلت عليه فقلت يا أمير المؤمنيـن اكبـر دليـل فـي نصحـي انـي مـا حابيتـك نصحـا لأميـر المؤمنيـن قـال صدقـت انـت الوزيـر فقلت إلـى متـى فقـال إلـى المـوت فقلـت أحتـاج واللـه إلـى اليـد الشريفـة فاحلفتـه على ما ضمن لى وحكي ان الوزير خدم بعد ذلك بحمل كثير من خيل وسلاح وغلمان وطيب ودنانير فبعث أربعة عشر فرسًا عرابًا فيها فرس أبيض يزيد ثمنه على اربعمائة دينار وست بغلـات مثمنـة وعشـرة مـن الغلمـان الاتـراك فيهـم ثلاثة خدم وعشرة زريات وخوذ وعشرة تخوت من الثياب وسفط فيه عود وكافور وعنبر وسفط فيه دنانير فقبلت منه وطاب قلبه ولما بويع المستنجد اقر الوزير ابن هبيرة على الوزارة واصحاب الولايات على ولاياتهم وأزال المكوس والضرائب وأمر بالجلوس لعزاء أبيه فتقدم الي بالكلام في العزاء ووضع كرسي لطيف فتكلمـت فـي بيـت النوبة ثلاثة ايام وخرج في اليوم الثالث إلى الوزير توقيع نسخته‏:‏ ‏{‏الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا للّه وانا اليه راجعون‏}‏ تسليما لأمر الله وقضائه فصبر الحكمة النافذ ومصابـه فـي الامـام السعيد الذي عظم الله مصابه واعتاض حلو العيش صابه وفت في عضد الاسلـام وغدا به الدين واهي النظام ان الصبر عليه لبعيد وان الكمد عليه مع الإيام جديد لقد كـان سكينـة مغشيـة المـراد ورحمـة منتشـرة فـي العباد برا بهم رؤوفًا متحننا عليهم عطوفًا فجدد الله سبحانه لديه من كراماته الراجحة وتحياته الغادية الرائحة ما يحلـه بحبوحـة جنانـه وينيلـه مبتغـاه مـن إحسانـه ومـع مـا مـن اللـه عليـه مـن استقـرار الأمـر فـي نصابـه وحفظـه علـى مـن هو أولى به فليس الا التسليم إلى المقدر والتفويض اليه سبحانه في جميع الامور فهو يوفي المثوبة والأجر والسعيـد مـن كـان عملـه فـي دنيـاه لأخـراه ورجوعه إلى اللة سبحانه في بدايته وعقباه والله تعالى يوفـق أميـر المؤمنيـن لمـا عـاد برضـاه وصلـاح رعايـاه ليعـود النظـام إلـى اتساقـه ونور الامامة إلى اشراقه فانهـض انـت إلـى الديـوان لتنفيـذ المهـام ولتثـق بشمول الانعام ولتأمر الحاضرين بالانكفاء إلى الخدمات وليتقدم بضرب النوبة في اوقات الصلوات‏.‏

وكـان الوزيـر فـي اليوميـن يجـيء ماشيـا فقدمـت اليه فرسه في اليوم الثالث فركب وتقدم في هذا اليوم بالقبض على ابن المرخم الذي كان قاضيا وكان بئس الحاكم آخذ الرشاء واستصفيت اموالـه واعيـد منها على الناس ما ادعوا عليه وكان قد ضرب فلم يقر فضرب ابنه فأقر بأموال كثيرة واحرقت كتبه في الرحبة وكان منها كتاب الشفاء واخوان الصفاء وحبس فمات في الحبـس‏.‏

واسقطت الضرائب وما كان ينسب إلى سوق الخيل والجمال والغنم والسمك والمدبغة والبيـع فـي جميـع اعمـال العـراق وافـرج عـن جماعـة كانـوا مطالبيـن بأمـوال وقـد تقـدم استـاذ الدار فخلع عليه فجعل امير حاجب وتقدم إلى الوزير بالقيام له‏.‏

وخلع المستنجد بالله عند انتهاء شهر والده على ارباب الدولة وخلع عليَّ خلعة وعلى عبد القادر وابي النجيب وابن شقران واذن لنا في الجلوس بجامع القصر وتكلمت في الجامع يوم السبـت ثامـن عشريـن ربيـع الآخـر فكـان يحـزر جمـع مجلسي على الدوام بعشرة الاف وخمسة عشر ألفًا‏.‏

وظهر اقوام يتكلمون بالبدع ويتعصبون في المذاهب واعانني الله تعالى عليهم وكانـت كلمتنـا هـي العليـا‏.‏

واذن لرجـل يقـال لـه ابـو جعفـر بن سعيد ابن المشاط فجلس في الجامع فكـان يسـأل فيقـال لـه ‏{‏الـم ذلـك الكتـاب‏}‏ كلـام اللـه فيقـول لا ويقـول في القصص هذا كلام موسى وهذا كلام النملة فأفسد عقائد الناس وخرج فمات عن قريب‏.‏

وفـي جمـادى الآخـرة‏:‏ عـزل قاضـي القضاة أبو الحسن علي بن احمد الدامغاني ورتب مكانه عبد الواحـد ابـو جعفـر الثقفـي وخلـع عليـه وكتـب له عهد وكان قد قيل لابن الدامغاني قم لابن الثقفي الصغيـر الـذي ولـي مكـان ابن المرخم فقال‏:‏ ما جرت العادة ان يقوم قاضي القضاة لقاض فقيل له قد قمت لابن المرخم فأنكر ذلك وشهد عليه العدول بأنه قام له فأخذوا ذلك عليه وعزل واخذ رجل معلم يقال له أبو المعمر عبد الرزاق بن علي الخطيب كان يعلم الصبيان بالمأمونية فصـار يخبـر المقتفـى وتقدم إلى حاجب الباب بسماع قوله فكان يخشى ويتقى وصار له شرف فلمـا توفـي المقتفـي كتـب إلـى المستنجـد يلتمـس مـا كـان يفعلـه فـي زمـان ابيـه فقال الخليفة هذا الذي كـان يخبـر قالـوا نعم فأمر بالقبض عليه فأخذ وعوقب إلى أن سال دمه وجيء به إلى بيته ليلًا ليدلهـم علـى دفيـن فقال احفروا هاهنا وهاهنا فحفروا فلم يجدوا شيئا فقال انما قلت ذلك من حرارة الضرب واعادوه إلى الحبس وفـي هـذه السنـة‏:‏ ولـي ابـن حمـدون المقاطعـات‏.‏

وفيهـا‏:‏ قبـض علـى ابـن الفقيه النائب بالمخزن وكان يشرف لولاية المخزن فقبض عليه صاحب المخزن وبذل ابن الصيقل الذي كان حاجب الباب أربعـة آلـاف دينـار علـى ان يولـى نقابـة العباسييـن فخوطـب فـي ذلـك نقيـب النقبـاء فبـذل خمسـة آلـاف فقبض على ابن الصيقل وطولب بما بذل فقررعليه اثنا عشر الفا فباع كل ما يملك‏.‏

وفـي رمضـان‏:‏ حدثـت حادثة عجيبة وذلك ان مغربيًا كان يلعب بالرمل ويحسب بالنجوم سكن حجـرة فـي دربيـة سـوق الأساكفـة ظهرهـا إلـى دار ابـن حمـدون العارض فأظهر الزهادة فكان يخرج فـي الليـل إلـى الحـارس فيقـول افتـح لـي فقـد لحقنـي احتلـام ثـم نقـب اصـول الحيطـان وفـرق التراب في الغرف حتى خرج إلى خزانة في الدار وفيها خزانة خشب ساج فنقل كل ما فيها من مال ومصـاغ قـوم ثلاثـة آلـاف ديناروخـرج إلـى الحـارس فقـال افتـح لـي وكـان قـد استعـد ناقـة ورفقـة فخرج فركـب وسـار فمـا علـم بـه حتـى صـار علـى فراسخ ثم اخذ مملوك لنضر بن القاسم التاجر وقالوا كـان رفيـق المغربـي جـيء بـه مـن رحبـة الشـام متهمـًا بالعملة وبقتل المغربي وقيل انه ساعد المغربي على ذلك فلما خرج قتله واخذ المال وفـي اول شـوال‏:‏ اتفـق العسكـر ببـاب همـذان علـى القبـض علـى سليمان شاه وخطبوا لأرسلان بن طغرل وورد على كوجك الى بغداد قاصدا للحج في ووصل إلى الخدمة الشريفة وخلع عليه وحـج فـي هـذه السنـة شيركـوه صاحـب الرحبـة وغيرها من اعمال الشام وبث في الحرمين معروفا كثيرا ولـم يفعـل كوجـك شيئـًا يذكر بـه علـى كثـرة مالـه

وتوفـي قاضـي القضـاة الثقفـي فولـي مكانـه ابنـه جعفر وقدم مركبان من كيش فيهما هدايا وتحف للخليفة منها عدة افراس وعشرة احمال من القنا الخطي وأنياب الفيلة وخشب الساج والصنوبر والآبنوس وسلـال العـود والببـغ والجـواري والمماليك‏.‏

 ذكرمن توفي في هذه السنة من الأكابر

عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن حمزة وكان قاضيا بالكوفة وسمع من ابي الغنائم وغيره وولاه المستنجد قضاء القضاة وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة وقد ناهز الثمانين‏.‏

الفائز صاحب مصر توفي في رجب هذه السنة وكان صبيا يدبر امره أبو الغارات الصالح بن رزيك واقيم مقامه صبي لقب بالعاضد وهو الذي انقرضت على يده دولة آل عبيد وعادت الخطبة بديار مصر لبني العباس وسوف نذكر ذلك عند وصولنا اليه قيماز الأرجواني أمير الحاج بعد نظر دخـل ميدان دار الخلافة فلعب بالصولجان فشب فرسه من تحته ورمى به فوقع على ام راسه فانكسـرت ترقوتـه وسـال مخـه من منخريه واذنيه فمات ودفن بمقبرة الشونيزي وتبعه الأكابر وترحم الناس عليه وذلك في شعبان هذه السنة محمد أبو عبد اللّه المقتفي بالله أمير المؤمنين ابن المستظهر باللة مـرض بالتراقـي وقيـل كـان دمـل فـي العنـق توفـي ليلـة الأحـد فـي ربيـع الـأول مـن هـذه السنـة عن ست وستيـن سنـة الا ثمانيـة وعشريـن يومـا ولـي الخلافـة أربعـة وعشرين سنة وثلاثة اشهر وستة عشر يوما ودفن في الدار ثم اخرج إلى الترب ومن العجب‏:‏ انه وافق اباه المستظهر في علة التراقي وماتا جميعا في ربيع الأول وتقدم موت محمد شاه على موت المقتفي بثلاثة اشهر وكذلك المستظهر مات قبله السلطان محمد بثلاثة اشهر ومات المقتفي بعد الغرق بسنة وكذلك القائم مات بعد الغرق بسنة قال عفيف الناسخ وكان رجلا صالحا رأيت في المنام قبل دخول سنة خمس وخمسين قائلا يقول اذا اجتمعت ثلاث خاءات كان آخر خلافته قلت خلافة من قال خلافة المقتفي قلت‏:‏ ما معنى اجتماع الخاءات قال سنه خمس وخمسين وخمسمائة‏.‏

محمد بن أحمد بن علي بن الحسين أبو المظفر ابن التريكي كـان يخطـب فـي الجمـع والاعيـاد وكـان حسـن الصـورة فاضـلًا توفـي يوم الاربعاء خامس عشر ذي القعدة ودفن في تربة معروف الكرخي‏.‏

محمد بن يحيى بن علي بن مسلم أبو عبد الله الزبيدي مـن أهـل زبيـد باليمن مولده على التقريب سنة ثمانين وأربعمائة قدم بغداد سنة تسع وخمسمائة ووعظ وكان له معرفة بالنحو والادب وكان صبورا على الفقر لا يشكو حاله قال المصنف رحمه الله حدثني البراندسي قال جلست مع الزبيدي من بكرة الى قريب الظهر وهو يلـوك شيئـا فـي فمـه فسألتـه فقـال لـم يكـن لـي شـيء فأخـذت نـواة أتعلـل بهـا‏.‏

وأنـه كـان يقـول الحـق وان كـان مرا ولا يراقب احدا ولا تأخذه في الله لومة لائم وقد حكى لي انه دخل على الوزير الزينبـي وقـد خلعـت عليـه خلـع الـوزارة والنـاس يهنئونـه بالخلعـة فقـال هـو هـذا يوم عزاء لا يوم هناء فقيل له فقال‏:‏ الهناء على لبس الحرير وحدثني عبد الرحمن بن عيسى الفقيه قال‏:‏ سمعت محمـد بـن يحيـى الزبيـدي يحكـي عـن نفسـه قال‏:‏ خرجت إلى المدينة على الوحدة فآواني الليل إلى جبل فصعدت عليه وناديت اللهم اني الليلة ضيفك ثم نزلت فتواريت عند صخرة فسمعت مناديـا ينـادي مرحبـا بـك يـا ضيـف اللـه انـك مـع طلوع الشمس تمر بقوم على بئر يأكلون خبزا وتمرا فاذا دعيت فأجب فهذه ضيافتك قال فلما كان من الغد سرت فلما كان مع طلوع الشمس لاحـت لـي اهـداف بئـر فجئتهـا فوجـدت عندهـا قومـا يأكلـون خبـزا وتمـر فدعونـي إلـى الأكـل فأكلـت توفي الزبيدي في ربيع الأول من هذه السنة و دفن قريبا من باب الشام الغربي من بغداد بن محمد بن ملكشاه توفي في ربيع الأول بأصبهان‏.‏

 ثم دخلت سنة ست وخمسين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها أنـه فـي يـوم الجمعـة سابـع المحـرم‏:‏ قطعـت خطبـة سليمـان شـاه مـن المنابـر فـي الجوامـع وانتشـر فـي هذه الايام ذكر التسنن والترفض حتى خشيت الفتنة وخرج الوزير يوم الجمعة رابع عشر المحرم بعد الصلاة من المخيم وخرج الخليفة صبيحة السبت وكان ركوبه في الماء وصعوده عند مسناة السور فركب هناك وخرجوا إلى الصيد‏.‏وفـي يـوم الثلائـاء تاسـع صفـر‏:‏ ولـي ابـن الثقفـي قضـاء القضاة مكان أبيه واستناب أخاه في الحكم وخرج التوقيع بازالة المتعيشين الذين يجلسون على الطرقات في رحبة الجامع وغيرها وبنقض الدكاك البارزة في الأسواق التي توجب الازدحام وفي يوم الجمعة ثالث ربيع الأول‏:‏ انتقل الوزير ابن هبيرة من الدار التي كان يسكنها بجنب

الديوان إلى دار ابن صدقة الوزير وحول قاضي القضاة ابن الدامغاني عن الدار التي سكنها بباب العامة فأسكنها الوزير ابنته فانتقل ابن الدامغاني إلى مدرسة التتشي وفي صبيحة السبت ربيع الأول‏:‏ خرج الخليفة إلى الصيد وليس معه الا الخواص من الغلمان وعارض الجيش ابن حمدون وفي ليلة الأربعاء ثاني عشرين ربيع الأول‏:‏ أخرج المقتفي من الدار في الزبزب والسفن حوله بالشمع الكبار والموكبيات وجمع أرباب الدولة معه إلى الترب وكان الماء جاريًا شديد الجريان فجرى له تخبيط كثير وصلوا إلى هناك بعد نصف الليل وفي يوم السبت ثامن عشر ربيع الأول‏:‏ خرج الوزيرمن بيته على عادته ليمضي إلى الديوان والغلمـان بيـن يديـه وهمـوا بـرد بـاب المدرسـة التـي بناهـا ابـن طلحـة فمنعهـم الفقهـاء وضربوهـم بالآجـر فهم اصحاب الوزير بضربهم وشهروا عليهم السيوف فمنعهم الوزير ومضى إلى الديوان ثم ان الفقهـاء كتبـوا قصـة يشكـون من غلمان الوزير فوقع عليها بضرب الفقهاء وتأديبهم ونفيهم من الدار فمضى اصحاب استاذ الدار فعاقبوهم هناك ثم أدخلهم الوزير اليه واستحلهم واعطى كل واحـد دينـارًا واعيـدوا إلـى المدرسـة بعـد أن غلقـت أيامـًا واختفـي ابوطالب مدرسهم ثم ظهر بعد العفو وأرجـف فـي هـذه الايـام بـأن عسكـرًا قـد تعلـق بالبند نيجين من التركمان وان الخليفة يريد أن ينفذ هنـاك عسكـرًا يضمهم إلى ترشك ويقاتلونهم فخرج جماعة من الامراء في جيش كبير فاجتمعوا بترشـك فلمـا حصـل بينهـم وثبـوا عليـه فقتلـوه واحتـزوا رأسـه وبعثوا به في مخلاة وانما احتالوا عليه لانهم دعوه فأبى ان يحضر وأضمر الغدر وقتل مملوكًا للخليفة ودعا الوزير اولياء ذلك المقتول وقال ان أمير المؤمنين قد اقتص لأبيكم من قاتله فشكروا وفـي يـوم الإثنيـن حـادي عشـر ربيـع الآخـر‏:‏ فتحت المدرسة التي بناها ابن الشمحل في المأمونية وجلس فيها الشيخ ابو حكيم مدرسًا وحضر جماعة من الفقهاء وفي هذه الايام‏:‏ رخص السعر فبيع اللحم أربعة ارطال بقيراط وكثر البيض فبيع مائة بيضة بقيراط والعسل كل منٍ بطسوج والخوخ كل عشرة ارطال بحبة ونصف وفي جمادى الآخرة‏:‏ جلس أبو الخير القزويني في جامع القصر وتعصب له الأشاعرة وفـي ثانـي عشـر جمـادى الآخـرة‏:‏ مـات ابن نقيب العلويين الذي كان قد تولى مكان أبيه لما مرض أبوه وفي هذه الأيام‏:‏ غلظ على الناس في أمر الخراج وردت المقاطعات إلى الخراج فانطلقت الألسن باللوم للوزير لأنه كان عن رأيه وفي رمضان‏:‏ عمل الوزير طبق الافطار على عادته ووصلت الاخبار ان جماعة من العسكر طلبوا العرب لأخذ الاعشار منهم فامتنعت العرب فأخـذ العسكـر ينهبـون اموالهـم فعطفـوا عليهـم فقتلوهـم واهلـك الامراء قيصر وبلال وبهلوان ومن نجا مـات عطشـًا فـي البريـة فكـن إماء العرب يخرجن بالماء ليسقين الجرحى فاذا أحسسن بحي يطلب الماء اجهزن عليه وكثر البكاء على القتلى ببغداد وخرج الوزير وبقية العسكر في طلب العرب وفـي هـذه الايام‏:‏ احتدت شوكة علاء الدين ابن الزينبي في أمر الحسبة فوكل بالطحانين وأخذ منهم الأموال وعزموا أن يكسروا علائق المتعيشين ويبيعوهم علائق من عندهم فمضى الناس واستغاثـوا ومضـى المجـان إلى قبر ابن المرخم يخلقونه وكتبوا عليه من رد مجوننا علينا فرفعت يد ابن الزينبي من الحسبة وعاد الوزيرمن سفره بعد أن انطردت بنو خفاجة ووقعت حادثة عجبية لأبي بكر ابن النقور وذلك انه غمز به إلى الديوان أن في بيته وديعة فاستدعـي فسئـل عنهـا فأنكـر وكـان معذورًا في الانكار لانه لم يعلم بها انما علم بها النسوة من أهله فوكل به ونفذ إلى بيته فأخذت الوديعة من عرضي داره كانت دنانير في مسائن وكان القاضي يحيى وكيل مكة بعثها مع نسائه إلى النساء اللواتي في دار ابن ابنقور فسألنهن ان يعيروهن عرضي الدار ليتركوا فيه رحلًا ويغلقن عليه ففعلن فدفن المال فأحست بذلك جارية في البيت فنمت وأهل البيت لا يعلمون وكان المال لبنت المنكوبرس الامير إبراهيم بن دينار ابو حكيم النهرواني ولـد سنـة ثمانيـن وأربعمائـة سمـع مـن ابـن ملـة وابـن الحصيـن وغيرهمـا الحديث الكثير وتفقه على أبي سعـد بـن حمـزة صاحـب ابـي الخطـاب الكلوذانـي وقـد رأى ابـا الخطاب وسمع منه ايضًا وكان عالمًا بالمذهب والخلاف والفرائض وقرأ عليه خلق كثير ونفع به واعطى المدرسة التي بناها ابن الشمحل بالمأمونية واعدت درسه فبقي نحو شهرين فيها وسلمت بعـده إلـي فجلسـت فيهـا للتدريـس ولـه مدرسـة ببـاب الـأزج كـان مقيمـًا بهـا فلمـا احتضر اسندها إلي وكان يضرب به المثل فـي التواضـع وكـان زاهـدًا عابـدًا كثيـر الصرم وقرأت عليه القرآن والمذهب والفرائض ورأيت بخطه علـى جـزء لـه رأيـت ليلـة الجمعـة عاشـر رجـب سنـة خمـس وأربعيـن وخمسمائة فيما يرى النائم كأن شخصًا في وسط داري قائمًا فقلت من انت فقال الخضر ثم قال‏:‏ تأهب للذي لابد منه من المـوت الموكـل بالعبـاد ثـم علـى اننـي اريـد أن اقـول لـه هـل ذلـك قريـب فقال قد بقي من عمرك اثنا عشرة سنة تمام سن اصحابـك وعمـري يومئـذ خمـس وسبعون‏.‏

فكنت ارتقب صحة هذا ولا افاوضه في ذكره لئلا انعـي اليه نفسه فمرض رحمه الله اثنين وعشرين يومًا وتوفي يوم الثلاثاء بعد الظهر ثالث عشر جمـادى الآخـرة من سنة ست وخمسين وخمسمائة وكان مقتضى حساب منامه أن يبقى له سنة فتأولت ذلك فقلت لعله دخول سنة لا تمامها او لعله رأى في آخر سنة ومات في أول الأخرى أو لعلها من السنين الشمسية ودفن رحمه الله قريبًا من بشر الحافي حمزة بن علي بن طلحة أبوالفتوح روى عن أبي القاسم ابن بيان رولي حجبة الباب ثم المخزن وكان قريبًا من المسترشد وولي المقتفي وهوعلى ذلك ثم بنى مدرسة إلى جانب داره ثم حج في تلك السنة ولبس القميص الفوط عند الكعبة وعاد متزهدًا فأنشده أبو الحسين ابن الخل الشاعر‏:‏

يا عضد الاسلام يا من سمت ** إلى العلـي همتـه الفاخـره

كانـت لـك الدنيـا فلـم ترضهـا ** ملكمـًا فأخلـدت إلى الآخره

وانقطـع فـي بيتـه نحـوًا مـن عشرين سنة وكان محترمًا في زمان عزله يغشاه أرباب الدولة وغيرهم وتوفي في هذه السنة ودفن بتربة له في الحربية مقابلة لتربة أبي الحسن القزويني‏.‏

محمد بن أحمد بن محمد أبوطاهر الكرخي القاضي ولـي قضـاء بـاب الـأزج وقضاء واسط وقضاء الحريم وقد ولي في زمن خمسة خلفاء المستظهر والمسترشـد والراشـد والمقتفـي والمستنجـد وهـو الـذي حكـم بفسـخ ولايـة الراشد وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة أبو جعفر بن المقتفي توفي يوم الأحد ثاني عشر ربيع الأول ومضى معه الوزير وأرباب الدولة إلى الترب‏.‏

 ثم دخلت سنة سبع وخمسين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها أن الحاج وصلوا إلى مكة فلم يدخل اكثرهم لفتن جرت وانما دخلت شرذمة يوم العيد فحجوا ورجع الأكثرون إلى بلادهـم ولـم يحجـوا وخـرج الخليفـة إلـى الصيـد علـى طريـق واسـط وادعـت امـرأة ان ابن النظام الفقيه مدرس النظامية تزوجها فجحد وحلف ثم قرر فأقر فافتضح وعزل من التدريس ووكل به وكان قد عقد بينهما فقيه يقال له الأشتري فأخذ وصفع على باب النوبي وفـي ربيـع الآخـر‏:‏ ترافـق رجـل مـن أهـل الحربيـة وصبـي فـي الطريـق فقتلـه الصبي بسبب شيء من الذهـب كـان معـه ودخـل إلـى الحربية فانذر به وقال قد قتل هنا قتيل فأخذوه وقالوا انت كنت معه فجيء به في الباب فاعترف بالقتل فقتل وقبـض علـى ابن الشمحل وحبس عند استاذ الدار وقبض على زوجته بنت صاحب المخزن ابـن طلحـة ونقـل مـا فـي داره‏.‏

وفـي جمـادى الآخـرة‏:‏ وقـع حريـق عظيـم احترق منه سوق الطيوريين والدور التي تليـه مقابلـة إلـى سـوق الصفـر الجديـد والخـان الـذي فـي الرحبـة ودكاكيـن البزورييـن وغيرهـا واحترق فيها رجل شيخ لم يستطـع النهـوض واحترقـت طيـور كثيـرة وكانـت فـي اقفـاص وفـي رجـب جلـس يوسـف الدمشقـي فـي النظاميـة مدرسـًا وخلع عليه وحضرعنده جماعة من الاعيان وفي هذه السنة‏:‏ تكاملت عمارة المدرسة التي بناها الوزير بباب البصرة واقام فيها الفقهاء ورتب لهم الجراية وكان مدرسهم أبو الحسن البراندسي وفيها اعني المدرسة دفن الوزير وحكى أبو الفـرج بـن الحسيـن الحـداد قـال جـرت لابـن فضلـان الفقيـه قصـة عجيبـة وهـو انـه اتهم بقتل امرأة فأخذ واعتقل بباب النوبي ايامًا وذلك انه دخل على اخت له قد خطبت وما تمت عدتها من زوج كان لها فمات فضربها فثارت اليه امرأة كانت عندهم في الدار لتخلصها منه فرفسها برجله ولكمها بيده فوقعت المرأة مغشية عليها ثم خرجت فوقعت في الطريق فأدخلت إلى رباط وسئلت عن حالها فأخبرتهم الخبر فحملت إلى بيت أهلها فماتت في الحال فكتب اهلها إلى وهذه القصة اذا صحت فقد وجبت عليه الدية مغلظة في ماله لانه شبه عمد ويجب عليه كفـارة القتـل بـلا خلـاف‏.‏

وفـي رجـب‏:‏ جمع الوكلاء والمحضرون والشهود كلهم عند حاجب الباب وشرط عليهم ان لا يتبرطلوا من احد ولا يأخذ الشروطي في كتب البراءة اكثر من حبتين ولا المحضر اكثر من حبة ولا الوكيل اكثر من قيراطين واشهدوا عليهم الشهود بذلك وسببه جناية جرت بينهم في ترويج كتاب‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

سعد الله بن محمد بن علي بن أحمدي أبوالبركات سمـع ابـا الخطـاب الكلوذانـى وابـا عبـد اللـه بـن طلحة وابا بكر الشاشي وكان خيرًا وسمعت عليه كتاب السنة للالكائي عن الطريثيثي عنه توفي في شعبان هذه السنة ودفن بباب حرب‏.‏

شجاع الفقيه الحنفي كان مدرسًا في مشهد أبي حنيفة جيد الكلام في النظر قرأ عليه جماعة مذهب أبي حنيفة توفـي فـي يـوم الخميـس حـادي عشريـن فـي القعـدة مـن هـذه السنة ودفن مما يلي قبر أبي حنيفة من صدقة بن وزير الواسطي دخـل بغـداد ولبـس الصـوف ولـازم التقشـف زائـدًا فـي الحد ووعظ وكان يصعد المنبر وليس عليه فـرش فأخـذ قلـوب العـوام بثلائـة أشيـاء احدهـا التقشـف الخـارج والثانـي التمشعر فانه كان يميل إلى مذهب الأشعري والثالث الترفض فانه كان يتكلم في ذلك وبلغني انه لما مرض كان يحضر الطبيـب ليـلًا لئلا يقال عنه يتداوى وكان إذا اتاه فتوح يقول انا لا آخذ إنما سلموه إلى أصحابي فتم له مـا أراد وبنـى رباطـًا واجتمـع فـي رباطـه جماعـة‏.‏

فمـرض ومـات يـوم الخميـس ثامـن فـي القعـدة وصلي عليه في ميـدان داخـل السـور و دفـن فـي رباطـه بقـراح القاضـي وبنـى يـزدن فـي رباطـه منـارة وتعصب لهم لأجل ما كان يميل اليه من التشيع فصار رباطه مقصودًا بالفتوح وفيه دفن‏.‏